للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ذكر القطائع:]

قال ابن عبد الحكم: حدثنا يحيى بن خالد، عن الليث بن سعد، قال: لم يبلغنا أن عمر بن الخطاب أقطع أحدًا من الناس شيئًا من أرض مصر إلا لابن سندر، فإنه أقطعه أرض منية الأصبغ؛ فحاز لنفسه ألف فدان؛ فلم تزل له حتى مات؛ فاشتراها الأصبغ بن عبد العزيز من ورثته؛ فليس بمصر قطيعة أقدم منها ولا أفضل (١) .

حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أنه كان لزنباع الجذامي غلام يقال له سندر، فوجده يقبل جارية له، فجبه وجدع أذنيه وأنفه، فأتى سندر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل إلى زنباع، فقال: "لا تحملوهم ما لا يطيقون، وأطعموهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون؛ فإن رضيتم فأمسكوا، وإن كرهتموهم فبيعوا، ولا تعذبوا خلق الله، ومن مُثِّل به أو أُحرق بالنار فهو حر، وهو مولى الله ورسوله". فأعتق سندر، فقال: أوص بي يا رسول الله، قال: "أوصي بك كل مسلم"؛ فلما توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى سندر إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: احفظ فيَّ وصية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعاله أبو بكر رضي الله عنه حتى توفي، ثم أتى عمر فقال: احفظ فيَّ وصية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقال: نعم، إن رضيت أن تقيم عندي أجريت عليك ما كان يجري عليك أبو بكر، وإلا فانظر أي المواضع أكتب لك؛ فقال سندر: مصر فإنها أرض ريف؛ فكتب إلى عمرو بن العاص: احفظ وصية رسول الله صلى الله عليه فيه؛ فلما قدم على عمرو، قطع له أرضًا واسعة ودارًا، فجعل سندر يعيش فيها، فلما مات سندر قبضت في مال الله تعالى. قال عمرو بن شعيب: ثم أقطعها عبد العزيز بن مروان الأصبغ بعده؛ فكانت خير أموالهم (٢) .


(١) فتوح مصر ١٣٧.
(٢) فتوح مصر ١٣٧-١٣٨.