للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلد الثاني

[ذكر أمراء مصر من حين ملكها بنو أيوب إلى أن اتخذها الخلفاء العباسيون دار الخلافة:]

بسم الله الرحمن الرحيم

لما قتل صاحب مصر الظافر، وصلت الأخبار إلى بغداد، بأن مصر قتل صاحبها، ولم يبق فيهم إلا صبي صغير، ابن خمس سنين، قد ولوه عليهم، ولقبوه الفائز، فكتب الخليفة المقتفي (١) عهداً للملك نور الدين محمود زنكي على البلاد الشامية والمصرية، وأرسله إليه، فسار حتى أتى دمشق، فحاصرها وانتزعها من يد ملكها مجير الدين بن طغتكين، وشرع في فتح بلاد الشام بلدًا بلدًا، وأخذها من أيدي من استولى عليها من الفرنج.

فلما كان في سنة اثنتين وستين أقبلت الفرنج في محافل كثيرة إلى الديار المصرية، فأرسل نور الدين محمود أسد الدين شيركوه بن شادي، ومعه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب، فسار إليها في ربيع الآخر، وقد وقع في النفوس أن صلاح الدين سيملك الديار المصرية، وفي ذلك يقول عرقلة الشاعر:

أقول والأتراك قد أزمعت ... مصر إلى حرب الأعاريب

رب كما ملكتها يوسف الصـ ... ـديق من أولاد يعقوب

يملكها في عصرنا يوسف الصـ ... ـادق من أولاد أيوب

من لم يزل ضراب هام العدا ... حقاً وضراب العراقيب


(١) كذا في الأصل، وهو الصواب، وفي ح، ط: "المكتفي" وانظر أخبار الخلفاء.٤٤.