للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مرتبع الجند:]

قال ابن عبد الحكم: حدثنا عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن شريح، عن أبي قبيل، قال: كان الناس يجتمعون بالفسطاط إذا قفلوا؛ فإذا حضر مرافق الريف خطب عمرو بن العاص بالناس، فقال: قد حضر مرافق ريفكم؛ فانصرفوا، فإذا حمض اللبن، واشتد العود، وكثر الذباب، فحي (١) على فسطاطكم، ولا أعلمن ما جاء أحد قد أسمن نفسه، وأهزل جواده (٢) .

حدثنا أحمد بن عمرو، أنبأنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي يزيد بن أبي حبيب، قال: كان عمرو يقول للناس إذا قفلوا من غزوهم: إنه قد حضر الربيع، فمن أحب منكم أن يخرج بفرسه يربعه فليفعل؛ ولا أعلمن ما جاء رجل قد أسمن نفسه وأهزل فرسه؛ فإذا حمض اللبن وكثر الذباب، وقوي العود، فارجعوا إلى قيروانكم (٣) .

حدثنا سعيد بن ميسرة، عن إسحاق بن الفرات، عن ابن لهيعة، عن الأسود بن مالك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري، قال: رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة، "تهجيرًا" (٤) ، وذلك آخر الشتاء "أظنه بعد حمم النصارى بأيام يسيرة، فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط، يزجرون الناس، فذعرت، فقلت: يا أبت، من هؤلاء؟ قال: يا بني هؤلاء الشرط، فأقام المؤذنون الصلاة" (٤) ، فقام عمرو بن العاص على المنبر، "فرأيت رجلًا ربعة قصد القامة وافر الهامة، أدعج أبلج، عليه ثياب موشية، كأن به العقيان، تأتلق عليه حلة وعمامة وجبة"، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه


(١) ح، ط: "فجيئوا"، وما أثبته من فتوح مصر.
(٢) فتوح مصر ١٣٩.
(٣) القيروان: معظم الجيش؛ أصله بالفارسية: "كاروان" فعرب. والخبر في فتوح مصر ١٣٩، وفي رواية أخرى: "فحي على فساطيطكم".
(٤) من فتوح مصر.