للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر فتح برقة والنوبة:]

قال ابن عبد الحكم: وبعث عمرو بن العاص نافع بن عبد القيس الفهري -وكان نافع أخا العاصي بن وائل لأمه- فدخلت خيولهم (١) أرض النوبة صوائف كصوائف (٢) الروم، فلم يزل الأمر على ذلك حتى عزل عمرو بن العاص عن مصر، ووليها (٣) عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وصالحهم، وذلك في إحدى وثلاثين؛ على أن يؤدوا كل سنة للمسلمين ثلاثمائة رأس وستين رأسًا، ولوالي البلد أربعين رأسًا (٤) .

قال: وكان البربر بفلسطين، وكان ملكهم جالوت؛ فلما قتله داود عليه الصلاة والسلام خرج البربر متوجهين إلى المغرب؛ حتى انتهوا إلى لوبية وماقية -وهما كورتان من كور مصر الغربية مما يشرب من السماء، ولا ينالهما النيل- فتفرقوا هنالك؛ فتقدمت زناتة ومغيلة (٥) إلى المغرب، وسكنوا الجبال، وتقدمت لواته، فسكنت أرض أنطابلس؛ وهي برقة؛ وتفرقت في هذا المغرب، وانتشروا فيه، ونزلت هوارة مدينة لبدة (٦) .

فسار عمر بن العاص في الخيل حتى قدم برقة؛ فصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها إليه الجزية، على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابي خراج إنما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها.

ووجه عمرو بن العاص عقبة بن نافع؛ حتى بلغ زويلة، فصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين (٧) .


(١) ح، ط: "خيليهم".
(٢) الصائفة في الأصل غزوة الروم؛ لأنهم كانوا يغزون صيفًا لمكان البرد والثلج. وفي ح، ط: "طوائف كطوائف"، تحريف.
(٣) فتوح مصر: "وأمر".
(٤) فتوح مصر ١٦٩-١٧٠.
(٥) كذا في فتوح مصر، وفي الأصل: "مغللة"، وفي ح، ط: "وغويلة".
(٦) بعدها في فتوح مصر: "ونزلت نفوسة إلى مدينة سيرت، وجلا من كان بها من الروم من أجل ذلك، وأقام الأفارق -وكانوا خدمًا للروم- على صلح يؤدونه إلى من غلب من بلادهم".
(٧) فتوح مصر ١٧٠-١٧١.