للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر السحرة الذين آمنوا بموسى عليه الصلاة والسلام:]

قال الكندي: أجمعت الرواة على أنه لا يعلم جماعة أسلموا في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط، وهم السحرة الذين آمنوا بموسى.

وأخرج ابن عبد الحكم، عن يزيد بن أبي حبيب، أن تبيعا كان يقول: ما آمن جماعة قط في ساعة واحدة مثل جماعة القبط.

وأخرج ابن عبد الحكم، عن عبد الله بن هبيرة السبئي وبكر بن عمرو الخولاني ويزيد بن أبي حبيب، قال: كان السحرة اثني عشرة ساحرا رؤساء، تحت يد كل ساحر منهم عشرون عريفا، تحت كل عريف منهم ألف من السحرة؛ فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا، بالرؤساء والعرفاء، فلما عاينوا ما عاينوا، أيقنوا أن ذلك من السماء، وأن السحر لا يقاوم لأمر الله، فخر الرؤساء الاثنا عشر عند ذلك سجدا فاتبعهم العرفاء، واتبع العرفاء من بقي، وقالوا: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} (١) .

وأخرج عن يزيد بن أبي حبيب أن تبيعا قال: كان السحرة من أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام، ولم يفتتن منهم أحد مع من افتتن من بني إسرائيل في عبادة العجل.

وقال ابن عبد الحكم: حدثنا هانئ بن المتوكل، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن تبيع، قال: استأذن جماعة من الذين كانوا آمنوا من سحرة موسى في الرجوع إلى أهلهم ومالهم بمصر، فأذن لهم، ودعا لهم، فترهبوا في رءوس الجبال، فكانوا أول من ترهب. وكان يقال لهم الشيعة، وبقيت طائفة منهم مع موسى حتى توفاه الله، ثم انقطعت الرهبانية بعدهم؛ حتى ابتدعها بعدهم أصحاب المسيح عليه الصلاة والسلام (٢) .


(١) سورة الأعراف: ١٢١، ١٢٢.
(٢) فتوح مصر ٤٤.