للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر اختطاط الجيزة:]

قال ابن عبد الحكم: حدثنا عثمان بن صالح، أنبأنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة، قالا: لما اختطت القبائل استحبت همدان وما والاها الجيزة، وكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يعلمه بما صنع الله للمسلمين. وما فتح الله عليهم، وما فعلوا (١) في خططهم؛ وما استحبت همدان وما والاها من النزول بالجيزة. فكتب إليه عمر، يحمد الله على ما كان من ذلك، ويقول له: كيف رضيت أن تفرق أصحابك، ولم يكن ينبغي لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينك وبينهم بحر، لا تدري ما يفجؤهم، فلعلك على غياثهم حين ينزل بهم ما تكره. فاجمعهم إليك فإن أبوا عليك، وأعجبهم موضعهم، فابن عليه من فيء المسلمين حصنا. فعرض ذلك عمرو عليهم فأبوا، وأعجبهم موضعهم بالجيزة ومن والاهم على ذلك من رهطهم؛ يافع (٢) وغيرها، وأحبوا ما هنالك، فبنى لهم عمرو بن العاص الحصن بالجيزة في سنة إحدى وعشرين، وفرغ من بنائه في سنة اثنتين وعشرين. قال غير ابن لهيعة من مشايخ أهل مصر: إن عمرو بن العاص لما سأل أهل الجيزة أن ينضموا إلى الفسطاط قالوا: متقدم (٣) قدمناه في سبيل الله، ما كنا لنرحل منه إلى غيره، فنزلت يافع بالجيزة فيها مبرح ابن شهاب، وهمدان، وذو أصبح، فيهم أبو شمر بن أبرهة، وطائفة من الحجر، منهم علقمة بن جنادة أحد بني مالك بن الحجر، وبرزوا إلى أرض الحرث والزرع.

وكان بين القبائل فضاء، من القبيل إلى القبيل، فلما قدمت الأمداد في زمن عثمان بن عفان وما بعد ذلك، وكثر الناس، وسع كل قوم لبني أبيهم حتى كثر البنيان، والتأم خطط الجيزة (٤) .


(١) ح، ط: "صنعوا"، وما أثبته من الأصل وابن عبد الحكم.
(٢) في القاموس: "يافع أبو قبيلة من رعين"، وفي الأصول: "نافع"، والصواب ما أثبته من فتوح مصر.
(٣) كذا من الأصل وفي ح، ط: "مقدم".
(٤) فتوح مصر ١٢٨-١٢٩.