للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خانقاه سعيد السعداء*:]

وقفها السلطان صلاح الدين بن أيوب، وكانت دارا لسعيد السعداء قنبر -ويقال: عنبر- عتيق الخليفة المستنصر (١) ، فلما استبد الناصر صلاح الدين بالأمر، وقفها على الصوفية في سنة تسع وستين وخمسمائة، ورتب لهم كل يوم طعاما ولحما وخبزا، وهي أول خانقاه عملت بديار مصر، ونعت شيخها بشيخ الشيوخ، وما زال ينعت بذلك إلى أن بنى الناصر محمد بن قلاوون خانقاه سرياقوس، فدعي شيخها بشيخ الشيوخ، فاستمر ذلك بعدهم إلى أن كانت الحوادث، والمحن منذ سنة ست وثمانمائة، وضاعت الأحوال، وتلاشت الرتب، تلقب كل شيخ خانقاه بشيخ الشيوخ، وكان سكانها من الصوفية، يعرفون بالعلم والصلاح، وترجى بركتهم.

وولي مشيختها الأكابر، وحيث أطلق في كتب الطبقات في ترجمة أحد أنه ولي "مشيخة الشيوخ"، فالمراد مشيختها، ولشيخها شيخ الشيوخ؛ هذا هو المراد عند الإطلاق.

وقد وليها عن الواقف صدر الدين محمد بن حمويه الجويني، ثم ولده كمال الدين أحمد، ثم ولده معين الدين حسن أخو كمال الدين، ثم وليها كريم الدين عبد الكريم بن الحسين الآملي، ثم وليها قاضي القضاة تاج الدين بن بنت الأعز، ثم وليها الشيخ صابر الدين حسن البخاري، ثم وليها شمس الدين محمد بن أبي بكر الأيلي، ثم وليها قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، ثم وليها الآملي، ثم وليها العلامة علاء الدين القونوي، ثم وليها مجد الدين موسى بن أحمد بن محمود الأقصرائي، ثم وليها شمس الدين محمد بن إبراهيم


* المقريزي ٤: ٢٧٣-٢٧٥.
(١) في المقريزي: "أحد الأستاذين المحنكين خدام القصر عتيق الخليفة المستنصر، قتل في سابع شعبان سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ورمى برأسه من القصر، ثم صلبت جثته بباب زويلة".