للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجامع الأزهر*:]

هذا الجامع أول جامع أسس بالقاهرة، أنشأه القائد جوهر الكاتب الصقلي مولى المعز لدين الله لما اختط القاهرة، وابتدأ بناءه في يوم السبت لست بقين من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وكمل بناؤه لسبع (١) خلون من رمضان سنة إحدى وستين، وكان به طِلَّسم، لا يسكنه عصفور ولا يمام ولا حمام، وكذا سائر الطيور (٢) .

ثم جدده الحاكم بأمر الله، ووقف عليه أوقافًا، وجعل فيه تنورين فضة وسبعة وعشرين قنديلًا فضة، وكان نضده في محرابه منطقة فضة، كما كان في محراب جامع عمرو، فقلعت في زمن صلاح الدين يوسف بن أيوب، فجاء وزنها خمسة آلاف درهم نقرة (٣) ، وقلع أيضا المناطق من بقية الجوامع.

ثم إن المستنصر جدد هذا الجامع أيضا وجدده الحافظ، وأنشأ فيه مقصورة لطيفة بجوار الباب الغربي الذي في مقدم الجامع (٤) .

ثم جدد في أيام الظاهر بيبرس.

ولما بني الجامع كانت الخطبة تقام فيه، حتى بني الجامع الحاكمي، فانتقلت الخطبة إليه، وكان الخليفة يخطب في جامع عمرو جمعة، وفي جامع ابن طولون جمعة، وفي


* المقريزي: ٤: ٤٩-٥٥.
(١) المقريزي: "لتسع". وفيه: "وجمع فيه وكتب بدائرة القبة التي في الرواق الأول وهي على يمنة المحراب، والمنبر ما نصه بعد البسملة: "مما أمر ببنائه عبد الله ووليه أبو تميم معد الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه، وأبنائه الأكرمين على يد عبده جوهر الكاتب الصقلي، وذلك في سنة ستين وثلثمائة".
(٢) المقريزي: "وهو صورة ثلاثة طيور منقوشة، كل صورة على رأس عمود، فمنها صورتان في مقدم الجامع بالرواق الخامس، منها صورة في الجهة الغربية في العمود، وصورة في أحد العمودين اللذين على يسار من استقبل سدة المؤذنين، والصورة الأخرى في الصحن في الأعمدة القبلية مما يلي الشرقية".
(٣) النقرة: القطعة المذابة من الذهب أو الفضة.
(٤) المقريزي: "عرفت بمقصورة فاطمة، من أجل فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- رئيت بها في المنام".