للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر حفر خليج أمير المؤمنين:]

قال ابن عبد الحكم: حدثنا عبد الله بن صالح وغيره، عن الليث بن سعد، أن الناس بالمدينة أصابهم جهد شديد في خلافة عمر عام الرمادة (١) ، فكتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر:

من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص: سلام عليك؛ أما بعد؛ فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك، أن أهلك أنا ومن معي؛ فياغوثاه، ثم ياغوثاه! يردد قوله.

فكتب إليه عمرو بن العاص: لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من عبد الله عمرو بن العاص؛ أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك! قد بعثت إليك بعيرٍ أولها عندك وآخرها عندي. والسلام عليك ورحمة الله.

فبعث إليه بعيرٍ عظيمة، فكان أولها بالمدينة وآخرها بمصر، يتبع بعضها بعضًا، فلما قدمت على عمر وسع بها على الناس (٢) .

وكتب إلى عمرو بن العاص يقدم عليه هو وجماعة من أهل مصر، "فقدموا عليه" (٣) ،


(١) قال صاحب اللسان: "عام الرمادة معروف، سمي بذلك لأن الناس والأموال هلكوا فيه كثيرًا.
وقيل: هي أعوام جدب تتابعت على الناس في أيام عمر بن الخطاب، وفي حديث عمر، أنه أخر الصدقة عام الرمادة، وكانت سنة جدب وقحط، فلم يأخذها منهم تخفيفًا عنهم".
(٢) بعدها في فتوح مصر: "ودفع إلى أهل كل بيت بالمدينة وما حولها بعيرًا بما عليه من الطعام، وبعث عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص يقسمونها على الناس، فدفعوا إلى أهل كل بيت بعيرًا بما عليه من الطعام، أن يأكلوا الطعام وينحروا البعير، فيأكلوا لحمه، ويأتدموا شحمه، ويحتذروا جلده، وينتفعوا بالوعاء الذي كان فيه الطعام لما أرادوا من لحاف وغيره، فوسع الله عليه بذلك على الناس. فلما رأى عمر ذلك حمد الله وكتب ... ".
(٣) من فتوح مصر.