أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر، والبيهقي في دلائل النبوة، عن عقبة بن عامر الجهني رضى الله عنه، قال: جاء رجال من أهل الكتاب، معهم كتب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن شئتم أخبرتكم عما أردتم أن تسألوني قبل أن تتكلموا، وإن شئتم تكلمتم وأخبرتكم! " قالوا: بل أخبرنا قبل أن نتكلم، قال:"جئتم تسألونني عن ذي القرنين، وسأخبركم كما تجدونه مكتوبًا عندكم؛ إن أول أمره أنه كان غلامًا من الروم، أُعطي ملكًا، فسار حتى أتى ساحل البحر من أرض مصر، فابتنى عنده مدينة يقال لها الإسكندرية، فلما فرغ من بنائها أتاه مَلَكٌ، فعرج به حتى استقله فرفعه، فقال: انظر ما تحتك، قال: أرى مدينتي، وأرى مدائن معها، ثم عرج به، فقال: انظر، فقال: قد اختلطت مع المدائن فلا أعرفها"(١) ... الحديث بطوله؛ وقد أوردته في التفسير المأثور في سورة الكهف.
وأخرج ابن عبد الحكم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: كان أول شأن الإسكندرية أن فرعون اتخذ بها مصانع ومجالس، وكان أول من عمرها وبنى فيها، فلم تزل على بنائه ومصانعه، ثم تداولها الملوك؛ ملوك مصر بعده، فبنت دلوكة بنت زباء منارة الإسكندرية ومنارة بوقير بعد فرعون، فلما ظهر سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام على الأرض اتخذ بها مجلسًا، وبنى فيها مسجدًا. ثم إن ذا القرنين ملكها، فهدم ما كان فيها من بناء الملوك والفراعنة وغيرهم، إلا بناء سليمان بن داود، لم يهدمه ولم