للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ذكر جوامع مصر*:]

[مدخل]

اعلم أنه من حين فتحت مصر لم يكن بها مسجد تقام فيه الجمعة سوى جامع عمرو بن العاص إلى أن قدم عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس من العراق في طلب مروان الحمار سنة ثلاث وثلاثين ومائة، فنزل عسكره في شمالي الفسطاط وبنوا هنالك الأبنية، فسمي ذلك الموضع بالعسكر، وأقيمت هناك الجمعة في مسجد فصارت الجمعة تقام بجامع عمرو وبجامع العسكر إلى أن بنى السلطان أحمد بن طولون جامعه حين بنى القطائع (١) ، فأبطلت الخطبة من جامع العسكر، وصارت الجمعة تقام بجامع عمرو وبجامع ابن طولون إلى أن قدم جوهر القائد (٢) ، واختط القاهرة، وبنى الجامع الأزهر في سنة ستين وثلاثمائة، فصارت الجمعة تقام بثلاثة جوامع (٣) .

ثم إن العزيز بالله بنى في ظاهر القاهرة من جهة باب الفتوح الذي يعرف اليوم بجامع الحاكم سنة ثمانين وثلاثمائة، وأكمله ابنه الحاكم، ثم بنى جامع المقس وجامع راشدة، فكانت الجمعة تقام في هذه الجوامع الستة إلى أن انقضت دولة العبيديين في سنة سبع وستين، وخمسمائة، فبطلت الجمعة من الجامع الأزهر، وبقيت فيما عداه.

فلما كانت الدولة التركية أحدثت عدة جوامع، فبني في زمن الظاهر بيبرس جامع الحسينية في سنة تسع وستين؛ ثم بنى الناصر بن قلاوون الجامع الجديد بمصر في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وبنى أمراؤه وكتابه في أيامه نحو ثلاثين جامعا، وكثرت في هذا القرن وما بعده إلى الآن؛ فلعلها الآن في مصر والقاهرة أكثر من مائتي جامع.


* المقريزي ٤: ٢.
(١) المقريزي: "على جبل يشكر، في سنة تسع وخمسين ومائتين حين بنى القطائع".
(٢) المقريزي: "من بلاد القيروان بالمغرب".
(٣) المقريزي: "فكانت الجمعة تقام في جامع عمرو، وجامع ابن طولون والجامع الأزهر، وجامع القرافة الذي يعرف اليوم بجامع الأولياء".