للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضا:

بجامع مولانا المؤيد أنشئت ... عروس سمت ما خلت قط مثالها

ومذ علمت أن لا نظير لها انثنت ... وأعجبها والعجب عنا أمالها

[رباط الآثار*:]

بالقرب من بركة الحبش (١) عمره الصاحب تاج الدين بن الصاحب فخر الدين بن الصاحب بهاء الدين حنا (٢) ، وفيه قطعة خشب وحديد، وأشياء أخر من آثار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٣) ، اشتراها الصاحب المذكور بمبلغ ستين ألف درهم فضة من بني إبراهيم أهل ينبع؛ ذكروا إنها لم تزل موروثة عندهم من واحد إلى واحد إلى رسول -الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحملها إلى هذا الرباط، وهي به إلى اليوم يتبرك (٤) بها. ومات الصاحب تاج الدين في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعمائة.

وللأديب جلال الدين بن خطيب داريا في الآثار بيتان:

يا عين إن بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشط مزاره (٥)

فلقد ظفرت من الزمان بطائل ... إن لم تريه فهذه آثاره


* المقريزي ٤: ٢٩٥-٢٩٧.
(١) المقريزي: "مطل على النيل وبحاور للبستان المعروف بالمعشوق".
(٢) هو تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد بن الوزير الصاحب بهاء الدين علي بن سليم بن حنا. ولد سنة ٦٤٠، وسمع من سبط السلفي، وحدث، وإليه انتهت رياسة عصره، وكان صاحب صيانة وسؤدد ومكارم وشاكلة حسنة، وبزة فاخرة. وزر سنة ٦٩٣. وتوفي سنة ٧٠٧. المقريزي ٤: ٢٩٦.
(٣) المقريزي: "وإنما قيل له: رباط الآثار؛ لأن فيه قطعة خشب وحديد، ويقال: إن ذلك من آثار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(٤) قال المقريزي: "وأدركنا لهذا الرباط بهجة، وللناس فيه اجتماعات، ولسكانه عدة منافع لمن يتردد إليه أيام كان ماء النيل تحته دائما، فلما انحسر الماء من تجاهه وحدثت المحن من سنة ست وثمانمائة قل تردد الناس إليه، وفيه إلى اليوم بقية".
(٥) المقريزي ٤: ٢٧٦، قال: وقد سبقه لذلك الصلاح خليل بن أيبك الصفدي؛ فقال:
أكم بآثار النبي محمد ... من زاره استوفى السرور مزاره
يا عين دونك فانظري وتمتعي ... إن لم تريه فهذه آثاره
واقتدى بهما في ذلك أبو الحزم المدني فقال:
يا عين كم ذا تفحين مدامعا ... شوقا لقرب المصطفى ودياره
إن كان صرف الدهر عاقك عنهما ... فتمتعي يا عين في آثاره