اعلم أن الوزارة وظيفة قديمة كانت للملوك من قبل الإسلام؛ بل من قبل الطوفان، وكانت للأنبياء؛ فما من نبي إلا وله وزير، قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام:{وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} ، وقال تعالى مخاطبًا له:{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} .
وكان للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزراء؛ روى البزار والطبراني في الكبير عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن الله أيدني بأربعة وزراء اثنين من أهل السماء: جبريل وميكائيل، واثنين من أهل الأرض: أبي بكر وعمر".
وقد وردت الأحاديث في وزراء الملوك، روى أبو داود عن عائشة، قالت: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق؛ إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء؛ إن نسي لم يذكره، وأن ذكر لم يعنه".
ولم تكن الوزارة في صدر الإسلام إلا للخلفاء دون أمراء البلاد، فكان وزير أبي بكر الصديق عمر بن الخطاب، ووزير عمر ووزير عثمان مروان بن الحكم؛ ذكره ابن كثير في تاريخه.
ووزير عبد الملك روح بن زنباع، ووزير سليمان بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز.
قال ابن كثير: وكان رجاء بن حيوة وزير صدق لأمراء بني أمية. ووزير هشام بن عبد الملك فمن بعده عبد الحميد بن يحيى؛ غير أنه لم يكن أحد في عهده يلقب بالوزير، ولا يخاطب بوصف الوزارة.