للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُغيره، وأصلح ما كان تخارب (١) منه، وأقر المنارة على حالها. ثم بنى الإسكندرية من أولها بناءً يشبه بعضه بعضًا، ثم تداولتها الملوك من الروم وغيرهم؛ ليس من ملك إلا يكون له بناء يضعه بالإسكندرية يُعرف به، ويُنسب إليه (٢) .

قال ابن الحكم: ويقال إن الذي بنى منارة الإسكندرية قلبطرة الملكة، وهي التي ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية، ولم يكن يبلغها الماء. قال: ويقال إن الذي بنى الإسكندرية شداد بن عاد.

وقال ابن لهيعة: بلغني أنه وجد حجر بالإسكندرية مكتوب فيه: "أنا شداد بن عاد، وأنا الذي نصب العماد، وحيد الأحياد (٣) ، وسد بذراعيه الواد، بنيتها إذ لا شيب ولا موت، إذا الحجارة لي في اللين (٤) ، مثل الطين". قال ابن لهيعة: والأحياد كالمغار (٥) .

وأخرج ابن عبد الحكم عن تبيع قال: إن في الإسكندرية مساجد خمسة مقدسة: مسجد موسى عليه الصلاة والسلام عند المنارة، ومسجد سليمان عليه الصلاة والسلام، ومسجد ذي القرنين، ومسجد الخضر؛ أحدهما عند القسارية، والآخر عند باب المدينة، ومسجد عمرو بن العاص الكبير (٦) .

قال ابن عبد الحكم: وحدثنا أبي، قال: كانت الإسكندرية ثلاث مدن بعضها إلى جنب بعض: "منة" (٧) ؛ وهي موضع المنارة وما والاها، والإسكندرية وهي موضع قصبة


(١) فتوح مصر: "رث"، وفي ح، ط: "خرب".
(٢) فتوح مصر ٤٠.
(٣) كذا في فتوح مصر، وفي الأصول: "جند الأجناد".
(٤) تزعم العرب أنه كان هناك زمان، كانت فيه الحجارة رطبة، ويسمونه زمن الفطحل.
(٥) فتوح مصر ٤٠-٤١، وفي ط: "والأجناد بلا عداد"، وما أثبته من فتوح مصر.
(٦) فتوح مصر ٤٨.
(٧) من فتوح مصر.