للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج ابن عبد الحكم، عن ابن لهيعة وعبد الله بن خالد، قالا: كان أول من سكن مصر بعد أن أغرق الله قوم نوح بيصر بن حام بن نوح، وهو أبو القبط كلهم، فسكن منفا -وهي أول مدينة عمرت بعد الغرق- هو وولده وهم ثلاثون

نفسا، قد بلغوا وتزوجوا، فبذلك سميت ماقة -وماقة بلسان القبط ثلاثون- وكان بيصر بن حام بن نوح قد كبر وضعف، وكان مصر أكبر ولده، وهو الذي ساق أباه وجميع إخوته إلى مصر، فنزلوا بها، فبمصر بن بيصر سميت مصر مصرا، فحاز "له ولولده" (١) ما بين الشجرتين خلف العريش إلى أسوان طولا، ومن برقة إلى أيلة عرضا. ثم إن بيصر بن حام توفي فدفن في موضع أبي هرميس، فهي أول مقبرة قبر فيها بأرض مصر، واستخلف ابنه مصر، وحاز كل واحد من إخوة مصر قطعة من الأرض لنفسه؛ سوى أرض مصر التي حازها لنفسه وولده. فلما كثر أولاد مصر وأولاد أولادهم، قطع مصر لكل واحد من أولاده قطيعة (٢) يحوزها لنفسه ولولده، وقسم لهم هذا النيل، فقطع لابنه قِفْط موضع قِفْط، فسكنها، وبه سُميت، وما فوقها إلى أسوان وما دونها إلى أشمون في الشرق والغرب، وقطع لأشمن من أشمون فما دونها إلى منف في الشرق والغرب، فسكن أشمن أشمون، فسميت به. وقطع لأتريب ما بين منف إلى صا؛ فسكن أتريب، فسميت به، وقطع لصا ما بين صا إلى البحر، فسكن صا، فسميت به؛ فكانت مصر كلها على أربعة أجزاء: جزأين بالصعيد، وجزأين بأسفل الأرض. قال: ثم توفي مصر بن بيصر، فاستخلف ابنه قِفط (٣) .

وفي بعض التواريخ: لما مات مصر، كتب على قبره: "مات مصر بن بيصر بن


(١) من فتوح مصر.
(٢) في الأصول: "قطعة"، وما أثبته عن فتوح مصر.
(٣) فتوح مصر ٩.