للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد سنة ست وتسعين وخمسمائة مع أبيه وأهله، وأقام بمكة إلى أن مات أبوه سنة سبع وعشرين، وعرف بالبدوي لملازمته اللثام. ولبس لثامين لا يفارقهما، وعرض على التزويج فأبى، لإقباله على العبادة. وكان حفظ القرآن، وقرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي، واشتهر بالعطاب لكثرة ما يقع بمن يؤذيه من الناس، ثم لازم الصمت حتى كان لا يتكلم إلا بالإشارة، واعتزل الناس جملة، وظهر عليه الوله. فلما كان في المحرم سنة ثلاث وثلاثين، ذكر أنه رأى في النوم من بشره بأنه ستكون له حالة حسنة. ثم إن أخاه حسن بن علي دخل العراق، وهو صحبته، ولازم أحمد الصيام، وأدمن عليه حتى كان يطوي أربعين يوما لا يتناول طعاما ولا شرابا، ولا ينام وهو في أكثر حاله، شاخص البصر إلى السماء وعيناه كالجمرتين، ثم صار إلى مصر سنة أربع وثلاثين، فأقام بطندتا من الغربية على سطح دار لا يفارقه، وإذا عرض له الحال يصيح صياحا متصلا. وكان طوالا غليظ الساقين، عبل الذراعين، كبير الوجه، ولونه بين البياض والسمرة، وتُؤثر عنه كرامات وخوارق، من أشهرها قصة المرأة التي أسر الفرنج ولدها، فلاذت به، فأحضره إليها في قيوده، ومر به رجل يحمل قربة لبن فأومأ إليها بأصبعه، فانقدت فانسكب اللبن، فخرجت منه حية قد انتفخت. توفي يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وستمائة (١) .

٥٠- ابن النعمان القدوة الزاهد أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان التلمساني ثم المرسي. قدم الإسكندرية شابا، فسمع بها من الصفراي، وكان عارفا بمذهب مالك، راسخ القدم في العبادة والنسك، ولد سنة سبع وستمائة، ومات في رمضان سنة ثلاث وثمانين ودفن بالقرافة ذكره في العبر (٢) .

٥١- شرف الدين محمد بن الحسن بن إسماعيل الإخميمي الزاهد. قال في العبر:


(١) شذرات الذهب ٦: ٣٤٥.
(٢) شذرات الذهب ٦: ٣٨٤.