للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن سيد الناس، واشتهر اسمه، وشاع ذكره. مات في ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وثمانمائة.

٩٠- الشيخ أبو العباس الحنفي أحمد بن محمد عبد الغني المرسي صاحب الشيخ شمس الدين الحنفي. وكان يقال إنه أعظم منه، وكان الشيخ كمال الدين بن الهمام يتردد إليه، وأتى إليه يوما ومعه تأليف التحرير في أصول الفقه، فنظره الشيخ أبو العباس، فقال: هو كتاب مليح، إلا أنه لا ينتفع به أحد، فكان الأمر كما قال. مات الشيخ أبو العباس في جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وثمانمائة.

٩١- أحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن خالد الشيخ شهاب الدين الأبشيطي العلامة الصالح الزاهد الولي الكبير، والإمام الشهير. رجل يُستسقى به الغيث. ويهابه لفرط صلاحه الليث، معرض عن الدنيا، حال بالمرتبة العليا، بعيد عن الخلق، قريب من الحق، مواظب على الصلاة والصيام، قائم بخدمة مولاه والناس نيام، هذا مع تفنن وعلوم كثيرة، وتصانيف ما بين منظومة ومنثورة، ازدان به هذا الزمان، وانتفع بإقرائه الإنس والجان، اتخذ طيبة المشرفة دارا، وفاز بجوار سيد المرسلين وما أكرمه جارا، إلى أن جاءه الرسول من ربه بالبشرى، والارتحال من دار الدنيا إلى الدار الأخرى. كان مولده بأبشيط، وأخذ عن البرهان البيجوري والشمس البرماوي، وجماعة، ونبغ في العلوم. وألف تصانيف نظمًا ونثرًا، ثم تزهد وانقطع، وسافر إلى المدينة فأقام بها إلى أن مات سنة ثمان وثمانين وثمانمائة. اجتمعت به لما حججت، فسألته أن يحدثني بشيء لأكتبه عنه في المعجم، فامتنع، فقلت له: لِمَ يا سيدي، وهذا خير؟ فقال: قال الشافعي رضي الله عنه:

فإن تجتنبها كنت سِلْمًا لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابُها

فعلمت أنه يشير إلى أن ذلك من أمور الدنيا (١) .


(١) الضوء اللامع ١: ٢٤٤.