للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى بيت المال، فتحمل وقرها، وتقول: اللهم بدل، اللهم غير. فلما قتل عثمان، قال حسان بن ثابت:

قلتم بدل فقد بدلكم ... سنة حرى وحربا كاللهب (١)

ما نقمتم من ثياب خلفة ... وعبيد وإماء وذهب (٢)

وروى محمد بن عائذ، عن إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، قال: سمع عبد الله بن سلام رجلا يقول لآخر: قتل عثمان بن عفان فلم ينتطح فيها عنزان. فقال ابن سلام: أجل إن البقر والغنم لا تنتطح في قتل الخليفة، ولكن تنتطح فيه الرجال بالسلاح؛ والله ليُقتلن به أقوام إنهم لفي أصلاب آبائهم ما وُلدوا بعد. وبقيت المدينة خمسة أيام بلا خليفة، والمصريون يلحون على علي أن يبايعوه وهو يهرب منهم؛ ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه، والبصريون طلحة فلا يجيبهم، فقالوا فيما بينهم: لا نولي أحدا من هؤلاء الثلاثة، فمضوا إلى سعد بن أبي وقاص فلم يقبل منهم، ثم جاءوا إلى ابن عمر، فأبى عليهم، فحاروا في أمرهم، وقالوا: إن نحن رجعنا بقتل عثمان عن غير إمرة، اختلف الناس، فرجعوا إلى علي فألحوا عليه فبايعوه، فأشار عليه ابن عباس باستمرار نواب عثمان في البلاد إلى حين آخر، فأبى عليه، وعزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن مصر وولى عليها قيس بن سعد بن عبادة.

وكان محمد بن أبي حذيفة لما بلغه حصر عثمان تغلب على الديار المصرية، وأخرج منها ابن أبي سرح، فجاءه الخبر في الطريق بقتل عثمان، فذهب إلى الشام، فأخبر معاوية بما كان في أمره بديار مصر، وأن محمد بن


(١) ديوانه ٢٣، وفيه البيت الأول بعد الثاني.
(٢) خلفه، أي مختلفات.