للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه يأخذ في إنشاء هذا التقليد الذي جعله حليفاً لقرطاسه، واستدام سجوده على صفحته حتى لم يكد يرفع من رأسه؛ وليس ذلك إلا قاضية في وصف المناقب التي كثرت فحسن لها مقام الإكثار، واشتبه التطويل فيها بالاختصار، وهي التي لا يفتقر واضعها إلى القول المعاد، ولم يستوعر سلوك أطوادها؛ ومن العجب وجود السهل في سلوك الأطواد.

وتلك هي مناقبك أيها الملك الناصر السيد الأجل الكبير، العالم العادل المجاهد المرابط صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب.

والديوان العزيز يتلوها عليك تحدثاً بشكرك، ويباهي أولياءه تنويهًا بذكرك، ويقول: أنت الذي نستكفي فتكون للدولة سهمها الصائب، وشهابها الثاقب، وكنزها الذي تذهب الكنوز وليس بذاهب. وما ضرها وقد حضرت في نصرتها إذا كان غيرك هو الغالب؛ فاشكر إذًا مساعيك التي أهلتك، وفضلتك على الأولياء بما فضلتك. ولئن شوركت في الولاء بعقيدة الإضمار، فلم تشارك في عزمك الذي انتصر للدولة فكان له بسطة الانتصار. وفرق بين من أمد بقلبه وبين من أمد بيده في درجات الإمداد، وما جعل الله القاعد كالذي قال: لو أمرتنا لضربنا أكبادها إلى برك الغماد.

وقد كفاك من المساعي أنك كفيت الخلافة أمر منازعيها، وطمست على الدعوة الكاذبة التي كانت تدعيها. ولقد مضى عليها زمن، ومحراب حقها محفوف من الباطل بمحرابين، ورأت ما رآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السوارين اللذين أولهما كذابين؛ فبمصر منهما واحد تجري أنهارها من تحته؛ ودعا الناس إلى عبادة طاغوته وجبته، ولعب بالدين حتى لم يدر يوم جمعته من يوم أحده ولا سبته.

وأعانه على ذلك قوم رمى الله بصائرهم بالعمى والصمم، واتخذوه صنمًا ولم تكن الضلالة هناك إلا بعجل أو صنم؛ فقمت أنت في وجه باطله حتى قعد،

وجعلت في جيده