وقد قرن تقليدك هذا بخلعة تكون لك في الإسلام شعارا، وفي الرسم فخارا، وتناسب محل قلبك وبصرك؛ وخير ملابس الأولياء ما ناسب قلوبًا
وأبصارا، ومن جملتها طوق يوضع في عنقه موضع العهد والميثاق، ويشير إليك بأن الإنعام قد أطاق بك إطاقة الأطواق بالأعناق.
ثم إنك خوطبت بالملك وذلك خطاب يقضي لصدرك بالانشراح، ولأملك بالانفساح، وتؤمر معه بمد يدك العليا لا تضمها إلى الجناح.
وهذه الثلاثة المشار إليها هي التي تكمل بها أقسام السيادة، وهي التي لا مزيد عليها في الإحسان فيقال: إنها الحسنى وزيادة؛ فإذا صارت إليك فانصب لها يوما يكون في الأيام كريم الأنساب، واجعله له عيدًا وقل: هذا عيد الخلعة والتقليد والخطاب.
هذا ولك عند أمير المؤمنين مكانة بجعلك إليه حاضرًا، وأنت ناء عن الحضور، وتضن أن تكون مشتركة بينك وبين غيرك والضنة من شيم الغيوب؛ وهذه المكانة قد عرفتك نفسها وما كنت تعرفها؛ وما نقول إلا: إنها لك صاحبة وأنت يوسفها، فاحرسها عليك حراسة تقضي بتقديمها، واعمل بها فإن الأعمال بخواتيمها.
واعلم أنك تقلدت أمرا يفتن به تقي الحلوم، ولا ينفك صاحبه عن عهدة الملوم، وكثيرا ما ترى حسناته يوم القيامة وهي مقسومة (١) بأيدي الخصوم؛ ولا ينجو من ذلك إلا من أخذ أهبة الحذار، وأشفق من شهادة الأسماع والأبصار. واعلم أن الولاية ميزان إحدى كفتيه في الجنة والأخرى في النار، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يا أبا ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم". فانظر إلى هذا القول النبوي نظر من لم يخدع بحديث الحرص والآمال، ومثل الدنيا وقد سيقت إليك بحذافيرها، أليس مصيرها إلى زوال! والسعيد من إذا جاءته قضى بها أرب الأرواح