للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بن هرمس؛ وإليه تنسب الصابئة، وهم يحجون إليها، ويذبحون عندها الديكة والعجول السود، ويبخرون بدخن. ولما فتحه المأمون، فتح إلى زلاقة ضيقة من الحجر الصوان الأسود الذي لا يعمل فيه الحديد، بين حاجزين ملتصقين بالحائط، قد نقر في الزلاقة حفر يتمسك الصاعد بتلك الحفر، ويستعين بها على المشي في الزلاقة لئلا يزاق، وأسفل الزلاقة بئر عظيمة بعيدة القعر. ويقال: إن أسفل البئر أبواب يدخل منها إلى مواضع كثيرة، وبيوت ومخادع وعجائب، وانتهت بهم الزلاقة إلى موضع مربع في وسطه حوض من حجر جلد مغطى، فلما كشف عنه غطاؤه لم يوجد فيه إلا رمة بالية.

وقال ابن فضل الله في المسالك (١) : قد أكثر الناس القول في سبب بناء الأهرام؛ فقيل: هياكل الكواكب، وقيل: قبور ومستودع مال وكتب، وقيل: ملجأ من الطوفان. قال: وهو أبعد ما قيل فيها؛ لأنها ليست شبيهة بالمساكن.

قال: وقد كانت الصابئة تأتي فيحج الواحد ويزور الآخر، ولا تبلغ فيه مبلغ الأول في التعظيم.

قال: وأما أبو الهول [فهو صنم بقرب الهرم الكبير] (٢) في وهدة منخفضة (٣) ، وعنقه، أشبه شيء برأس راهب حبشي، على وجهه صباغ أحمر، لم يحل على طول الأزمان؛ يقال إنه طلسم يمنع الرمل عن المزارع. قال: وسجن يوسف شمالي الأهرام على بعد منه في ذيل خرجة من جبل في طرف الحاجر (٤) .


(١) مسالك الأبصار ١: ٢٣٥-٢٣٦.
(٢) مسالك الأبصار: "وهو اسم لصنم يقارب الهرم الكبير".
(٣) بعدها في مسالك الأبصار: "يقع دونه شرقا بغرب، لا يبين من فوق سطح الأرض إلا رأس ذلك الصنم".
(٤) مسالك الأبصار ١: ٢٣٧-٢٣٨؛ مع تصرف واختصار.