قال بعضهم: كتب في الإنشاء للخلفاء خمسا وستين سنة، وكان نصرانيا، فأسلم على يد المقتدي.
وكتب للمقتدي سديد الدولة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الكريم بن الأنباري. قال ابن كثير: كان كاتب الإنشاء ببغداد للخلفاء، وانفرد بصناعة الإنشاء.
وكتب للناصر قوام الدين يحيى بن سعيد الواسطي المشهور بابن زيادة صاحب ديوان الإنشاء ببغداد، ومن انتهيت إليه رياسة الترسل.
وكتب للمستعصم عز الدين عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد المدائني الكاتب ومات سنة خمس وخمسين وستمائة، وقتل الخليفة عقب موته. فهو آخر كتاب الإنشاء لخلفاء بغداد.
قلت: ومن الاتفاق الغريب أن آخر خلفاء بني أمية كتب له عبد الحميد الكاتب، وآخر خلفاء بني العباس ببغداد كتب له من اسمه عبد الحميد.
وأما مصر فلم يكن بها ديوان إنشاء من حين فتحت إلى أيام أحمد بن طولون، فقوي أمرها، وعظم ملكها، فكتب عنده أبو جعفر محمد بن أحمد بن مودود.
وكتب لولده خمارويه إسحاق بن نصر العبادي.
وتوالت دواوين الإنشاء بذلك إلى أن ملكها العبيدية، فعظم ديوان الإنشاء بها ووقع الاعتناء به، واختيار بلغاء الكتاب ما بين مسلم وذمي؛ فكتب للعزيز بن المعز وزيره ابن كلس ثم أبو عبد الله الموصلي، ثم أبو المنصور بن حورس النصراني، ثم كتب للحاكم ومات في أيامه.