للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزلازل بمصر، فأقامت ستة أشهر، فأنشد محمد بن القاسم بن عاصم قصيدة منها:

ما زلزلت مصر من سوء يراد بها ... لكنها رقصت من عدله فرحا (١)

كذا رأيته في نسخة عتيقة، من كتاب مذهب الطالبيين، تاريخ كتابتها بعد الستمائة، ثم رأيت ما يخالف ذلك كما سأذكر.

وفي سنة تسع وخمسين انقض كوكب في ذي الحجة، فأضاء الدنيا حتى بقي له شعاع كالشمس، ثم سمع له صوت كالرعد.

وفي سنة ستين وثلثمائة، سارت القرامطة في جمع كثير إلى الديار المصرية، فاقتتلوا هم وجنود جوهر القائد قتالًا شديدا بعين شمس، وحاصروا مصر شهورا؛ ومن شعر أمير القرامطة الحسين بن أحمد بن بهرام:

زعمت رجال الغرب أني هبتهم ... فدمي إذن ما بينهم مطلول

يا مصر إن لم أسق أرضك من دم ... يروي ثراك فلا سقاني النيل

وفي هذه السنة سار رجل من مصر إلى بغداد، وله قرنان، فقطعهما وكواهما وكانا يضربان عليه. حكاه صاحب المرآة.

وفي سنة ثلاث وستين، خرج بنو هلال وطائفة من العرب على الحجاج، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وعطلوا على من بقي منهم الحج في هذا العام، ولم يحصل لأحد حج في هذه السنة سوى أهل درب العراق وحدهم.

وفي سنة سبع وستين كان أمير الحاج المصري الأمير باديس بن زيري، فاجتمع إليه اللصوص، وسألوا منه أن يضمنهم الموسم هذا العام بما شاء من الأموال، فأظهر لهم الإجابة، وقال: اجتمعوا كلكم حتى أضمنكم كلكم، فاجتمع عنده بضع وثلاثون لصًّا،


(١) تمام المتون ٦٧، وقبله:
بالحاكمِ العدْلِ أضحَى الدينُ معتليا ... نجل العلا وسليل السادة الصلحا