مثقالا، فأخفاها الضامن، ثم حملها إلى بعض الملوك، فدفع له فيها مائة ألف وعشرين ألف درهم، فأبى أن يبيعها بذلك، فأخذها الملك منه غصبًا، وبعث بها إلى السلطان، فمات الضامن غمًّا.
وفيها أوفى النيل رابع توت، وكذا في سنة خمس.
وفي سنة تسع وسبعمائة توقف النيل، واستسقى الناس فلم يسقوا، وانتهت زيادته في سابع عشري توت إلى خمسة عشر ذراعا وسبعة عشر إصبعا، ثم زاد.
وأوفى ستة عشر ذراعا في تاسع عشر بابه، وتشاءم الناس بسلطنة بيبرس، وغنت العامة في ذلك:
سلطاننا ركين، ونائبنا، يجيئنا الماء من أين!
يجيب لنا الأعرج، يجيء الماء ويدحرج.
وفي هذه السنة لما عاد ابن قلاوون تكلم الوزير ابن الخليلي في إعادة أهل الذمة إلى لبس العمائم البيض بالعلائم، وأنهم قد التزموا للديوان بسبعمائة ألف في كل سنة زيادة على الجالية، فسكت أهل المجلس، وقام الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، وتكلم كلاما عظيما، ورد على الوزير مقالته، وقال للسلطان: حاشاك أن تكون ممن ينصر أهل الذمة! فأصغى إليه السلطان، واستمر لبسهم للأصفر والأزرق، ثم عمد ذلك ببغداد أيضا في سنة أربع وثلاثين اقتداء بملك مصر.
وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة وقع الشروع في رَوْك (١) الإقطاعات بمصر، وأبطل السلطان مكوسا كثيرة، وأفردت الجهات التي بقيت من المكس، وأضيفت
(١) الروك في كتب المؤرخين معناه مسح أرض الزراعة في بلد من البلاد لتقدير الخراج المستحق عليه لبيت المال، ومنه تصرف أعطية الجند ورواتب الولاة، وموظفي دواوين الدولة، وما زاد عن ذلك يودع بيت المال. حواشي السلوك ١: ٨٤١.