للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشام؛ على أنه راغب في الإسلام، فوصل إلى الوليد، وأظهر الإسلام، وأخرج كنوزًا ودفائن كانت بالشام؛ مما حمل الوليد على أن صدقه على أن تحت المنارة أموالًا ودفائن وأسلحة، دفنها الإسكندر. فجهزه مع جماعة من ثقاته إلى الإسكندرية، فهدم ثلث المنارة، وأزال المرآة، ثم فطن الناس "إلى" أنها مكيدة، فاستشعر ذلك، فهرب في مركب كانت معدة له، ثم بُني ما تهدم بالجص والآجر.

قال المسعودي: وطول المنارة في وقتنا هذا -وهو سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة- ثلاثون ذراعًا، وكان طولها قديمًا نحو أربعمائة ذراع، وبناؤها في عصرنا ثلاثة أشكال، فقريب من الثلث مربع "مبني" (١) بالحجارة، ثم بعد ذلك بناء مثمن الشكل مبني بالأجر ومائتان والجص نحو ستين ذراعًا، وأعلاها مدور الشكل (٢) .

قال صاحب مباهج الفكر: وكان أحمد بن طولون بنى في أعلاها قبة من خشب، فهدمتها الرياح، فبُني مكانها مسجد في أيام الملك الكامل صاحب مصر. ثم إن وجهها البحري تداعى، وكذلك الرصيف الذي بين يديها من جهة البحر، وكادا ينهدمان؛ وذلك أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، فرمه (٣) وأصلحه. انتهى.

وذكر ابن فضل الله في مسالكه أن هذه المنارة قد خربت وبقيت أثرًا بلا عين، وكان هذا وقع في أيام قلاون أو ولده.

وقال ابن المتوج في كتاب إيقاظ المتغفل: من العجائب منارة الإسكندرية التي بناها ذو القرنين، كان طولها أكثر من ثلاثمائة ذراع، مبنية بالحجر المنحوت، مربعة الأسفل، وفوق المنارة المربعة منارة مثمنة مبنية بالآجر، وفوق المنارة المثمنة منارة


(١) من ط.
(٢) انظر مروج الذهب ١: ٣٧٥-٣٧٦ في الكلام على منارة الإسكندرية، ويختلف ما نقله المؤلف هنا عما في هناك اختلافًا كثيرًا. وانظر نهاية الأرب ١: ٣٥٧.
(٣) كذا في ح، ط، وفي الأصل: "فرم".