أعز الله أنصار المقر وسره بكل مبهجة، وهنأه بكل مقدمة سرور تفد وللخصب والبركة منتجه، وبكل نعمى لا تصبح لمنة السحاب محوجة، وبكل
رحمى لا يستعد لأيامها الباردة ولا للياليها المثلجة. هذه المكاتبة تفهمه أن نعم الله وإن كانت متعددة، ومنحه وإن غدت بالبركات مترددة، ومنته وإن أصبحت إلى القلوب متوددة، فإن أشملها وأكملها، وأجملها وأفضلها، وأجزلها وأنهلها، وأتمها وأعمها، وأضمها وألمها، نعمة أجزأت المن والمنح، وأنزلت في برك سفح المقطم أغزر سفح. وأتت بما يعجب الزراع، ويعجل الهراع، ويعجز البرق اللماع، ويعل القطاع، ويغل الأقطاع، وتنبعث أفواهه وأفواجه، ويمد خطاها أمواهه وأمواجه، ويسبق وفد الريح من حيث ينبري، ويغيط مريخه الأحمر القمر؛ لأن بيته السرطان كما يغبط الحوت؛ لأنه بيت المشتري، ويأتي عجبه في الغد بأكثر من اليوم وفي اليوم بأكثر من الأمس، ويركب الطريق مجدًّا فإن ظهر بوجهه حمرة فهي ما يعرض للمسافر من حر الشمس. ولو لم تكن شقته طويلة لما قيست بالذراع، ولولا أن مقياسه أشرف البقاع لما اعتبر ما تأخر من ماء حوله الماضي بقاع، بينا يكون في الباب إذا هو في الطاق، وبينا يكون في الاحتراق إذا هو في الاختراق للإغراق، وبينا يكون في المجاري، إذا هو في السواري، وبينا يكون في الجباب إذا هو في الجبال، وبينا يقال لزيادته: هذه الامواه إذ يقال لغلاته: هذه الأموال. وبينا يكون ماء إذ أصبح حبرا، وبينا هو يكسب تجارة قد أكسب بحرًا، وبينا يفسد عراه قد أتى بعرار جسور على الجسور جيشه الكرار، وكم أمست التراع منه تراع والبحار منه تحار. كم حسنت مقطعاته على مر الجديدين، وكم أعانت مرارة مقياسه على الغرو من بلاد سيس على العمودين (١) . أتم الله لطفه في الإتيان به على التدريج، وأجراه بالرحمة إلى نقص العيون بالتفرج، والقلب بالتفريج، فأقبل جيشه بمواكبه، وجاء يطاعن الجدب بالصواري من مراكبه، ويصافف