أحسن مطابقة بحال الجيش، فإنهم لما أصيبوا وضعفوا قل عدد المتقدمين منهم، وأما الشيطان فهو الذي تراءى لإبراهيم في اليوم الأول، فبعيد أن يكون علامته متفاوتة في الحجم".
الرابع: قال: "بعد الرمي في اليوم الأول والثاني استقبال إلى الكعبة، ووقوف ودعاء طويل، ولا وقوف بعد الرمي في اليوم الثالث، فلو كان الرمي على الشيطان لم يكن هذا الاهتمام بالدعاء في اليومين، وتركه في الثالث. فإنَّ إبراهيم عليه السلام قد كان صمم العزم ... وأما ... جيش أبرهة فإنه كان جيشًا عظيمًا ... فالتضرع إلى الله تعالى، وطلب النصر منه على [ص ٧٩] هذا الجيش أقرب إلى المعقول ... ".
قال عبد الرحمن: ينبغي أن تستحضر أن الجمار ثلاث: الدنيا إلى مكة ــ ويقال لها: جمرة العقبة، والجمرة الكبرى ــ ثم الوسطى، ثم القصوى، وهي أقربهن إلى جهة المزدلفة.
والمشروع ــ كما في كتب السنة وكتب الفقه وكتب المناسك ــ أن يقدم الحاج من مزدلفة يوم النحر فيرمي الجمرة الدنيا إلى مكة بعد طلوع الشمس، ولا يقف عندها للدعاء، ثم يرجع إلى داخل منى فينحر، ويحلق. فيحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، ثم يذهب فيطوف بالبيت فيحل له النساء أيضًا، ثم يرجع فيبيت بمنى. فإذا أصبح أول أيام منى وزالت الشمس ذهب فرمى الجمرة القصوى، ويقف ويدعو، ثم الوسطى فكذلك، ثم الدنيا إلى مكة، ولا يقف للدعاء. ثم كذلك في اليوم الثاني في أيام منى، ثم الثالث إن لم يكن نفر في الثاني.
فقول المعلِّم رحمه الله: "ولا وقوف بعد الرمي في اليوم الثالث" وهم،