لو اقتصر المعلِّم رحمه الله تعالى على دعوى أن أهل مكة كانوا مستعدين لقتال أبرهة إذا حاول دخول مكة، فكفاهم الله عزَّ وجلَّ، لكان الأمر قريبًا، وأمكن أن يجاب عما تقدم، وأن يتأول ما جاء في الروايات بأنهم أظهروا أنهم لا يريدون قتالًا لأغراض دعت، وهم في نفس الأمر عازمون على القتال. ولكنه لم يقتصر، بل زعم أن أهل مكة قاتلوا أبرهة، وقتلوه في المعركة، واستدل على ذلك بأمور:
الأول: الوجوه التي تقدمت في الفصل السابق، وقد علمت حالها. ولو استحال عزمهم على عدم القتال لم يلزم من ذلك أنه وقع قتال، فإن الله عزَّ وجلَّ عذّب أصحاب الفيل قبل أن يصلوا إلى مكة.
الدليل الثاني: قول الله عزَّ وجلَّ في السورة: {تَرْمِيهِمْ} زاعمًا أن معناه: ترميهم أيها المكي، أو نحو ذلك. وهذه دعوى سيأتي ردّها في تفسير السورة، إن شاء الله تعالى.
[ص ١٧] الدليل الثالث: ما أبداه من المناسبة لرمي الجمار، وسيأتي تزييفها.