للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لايركَنَنْ أحدٌ إلى الإحجامِ ... يومَ الوغى متخوِّفًا لحِمامِ

[ص ٣٩] فلقد أراني لِلرّماح دَريئةً ... مِن عَن يميني مرّةً وأمامي

حتى خضبتُ بما تحدَّر من دمي ... أكنافَ سَرْجي أو عِنانَ لجامي

ثم انصرفتُ وقد أصَبتُ ولم أُصَبْ ... جَذَعَ البصيرةِ قارحَ الإقدام

[ص ٤٠] (١٥) الجملة الواقعة بعد أخرى تنقسم عند النحاة إلى مستأنفة وغيرها. ومعنى استئنافها عندهم هو انقطاعها عن الأولى بالنظر إلى التركيب النحوي، هذا هو الاستئناف النحوي. قال ابن هشام: "ويخصّ البيانيّون الاستئناف بما كان جواب سؤال مقدّر" (١). وهذا يقال له الاستئناف البياني، وإيضاحه كما قال السكّاكي: "أن يكون الكلام السابق بفحواه كالمورد للسؤال، فينزل ذلك منزلة الواقع، ويطلب بهذا الثاني وقوعه جوابًا له، فينقطع عن الكلام السابق لذلك. وتنزيل السؤال بالفحوى منزلة الواقع لا يصار إليه إلا لجهات لطيفة: إما لتنبيه السامع على موقعه، أو لإغنائه عن أن يسأل، أو لئلا يسمع منه شيء، أو لئلا ينقطع كلامك بكلامه ... " (٢).

قال عبد الرحمن: هذا وغيره من عباراتهم مع تدبر مواقع هذا الاستئناف في الكلام البليغ يوضح أنه إنما يصلح حيث يكون اقتضاءُ الجملة الأولى للسؤال الذي تكون الثانية جوابًا له اقتضاءً ظاهرًا بحيث يغلب أن من سمع الجملة الأولى متفهّمًا يعرض له في نفسه ذلك السؤال. ولهذا يكثر في القرآن أن تختم الجملة الأولى برأس آية، لأن من شأنها أن


(١) المغني وعليه حواشي الأمير (٢/ ٤٦). [المؤلف].
(٢) مفتاح العلوم ص ١١٠. [المؤلف].