والكلام في هذه السور الثلاث كلُّه على العموم، وفي سورة الهمزة:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ... } ولا أصرح في العموم من كلمة "كل". ولا ينافي ذلك ما روي أنها نزلت في أبي بن خلف، [ص ٩١] أو أخيه أمية، أو جميل بن عامر، أو الوليد بن المغيرة، أو العاص بن وائل، وغير ذلك؛ فإن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
وقد ساق ابن جرير بعض تلك الأقوال، ثم روى عن مجاهد أنه قال:"ليست بخاصة لأحد". ثم قال ابن جرير:"والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله عمّ بالقول كلَّ همزة لمزة، كلَّ من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها سبيله، كائنًا من كان من الناس"(١).
ثم ذكر الله تعالى في سورة الفيل يومًا من أيامه التي تقدمت الإشارة إليها في سورة العصر، كأنه قال: هب أيها الإنسان أنك لم تسمع، أو لم توقن بأيام ربك في عاد وثمود وغيرهم مما تقادم عهده، فهذا يوم قريب، قد علمه كل أحد، وهو واقعة أصحاب الفيل. ألم تعلم كيف فعل ربك بهم؟ أوَلا يردّك عن الاغترار بما تُكاثِر به أنه لم يُغْنِ عنهم كثرةُ عَددهم، وعُددهم، وشدةُ كيدهم؟ أوَلا تخاف أن يعذبك ربك بذنبك، كما عذبهم بذنبهم؟
والخطاب يتناول أهل مكة عمومًا كما هو ظاهر، وخصوصًا لوجوه:
الأول: لأنهم أول من تليت عليه السورة.
الثاني: أن الواقعة كانت أمام أعينهم.
(١) تفسير ابن جرير (٣٠/ ١٦٢)، والعبارة كما ترى، ولكن المعنى ظاهر. [المؤلف]. صواب العبارة كما في ط التركي (٢٤/ ٦٢٠): "كلُّ من كان بالصفة ... سبيلُه سبيلُه".