للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقع مرة واحدة فقط لكان كالميؤوس منه، ولو كان يتكرر بكثرة لَما ناسبته قد التوقعية لأن التوقع على شك كما سبق. وأما التي للتكثير، فكأنها قد التحقيقية دخلت لتحقيق الاستمرار، ولذلك يكثر دخول اللام عليها، كما يأتي.

هذا، وذهب الجمهور إلى أنّ (ربما) تصرف المضارع إلى المضيّ مطلقًا، وقال بعضهم: بل غالبًا. والظاهر أنَّ مرادهم أنها تفيد التكرار المتحقق في الماضي، المظنون في المستقبل، كما تقدم عن السيرافي في الفائدة السابعة، وذلك ظاهر في قوله: "ربما تجزع النفوس الخ". وأما (قد) فنقلوا عن سيبويه أنها قد تكون بمنزلة (ربما)، وأنشد بيت:

قد أتركُ القِرْنَ مصفرًّا أناملُه ... كأنّ أثوابَه مُجَّتْ بِفِرْصَادِ (١)

ففسّره ابن مالك بأنها بمنزلتها في التقليل والصرف إلى المضي، فخالفه أبو حيان قال: "بل مراده في التكثير فقط" (٢).

قال عبد الرحمن: ليس معنى الصرف إلى المضيّ أن يصير ماضيًا البتة، فإن هذا ليس مرادًا في (ربّما) نفسها كما مرّ، وإنما المراد الاستمرار المتحقق في الماضي، المظنون في المستقبل، على نحو ما تقدم في (ربما)، وما ذكره السيرافي كما مرّ في الفائدة السابعة. وهذا ثابت للمضارع مع قد التقليلية أو التكثيرية، فلا وجه لإنكاره.

[ص ١٣] (٣) (٩) المصادر من حيث مدلولها على ضربين: الأول ما


(١) كتاب سيبويه (٤/ ٢٢٤)، والبيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه (٤٩).
(٢) راجع: حواشي المغني. [المؤلف].
(٣) الصفحة (١٢) مضروب عليها.