للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن يكون أطلق على الأبطح "المحصب" تشبيهًا بالموضع الذي تحصب فيه الجمار في معنى غير الحصب، كما أطلق على النساء "القوارير" (١) تشبيهًا بالقوارير في معنى غير القرار.

فإن أبيت إلا اتباع من قال: إن الأبطح سمي محصبًا لكثرة الحصى فيه، فأنت وذلك، لكنه اشتقاق على خلاف القياس، فلا يجوز أن يحمل عليه تسمية موضع حصب الجمار، بل يتعين حمله على اسم المكان من التحصيب؛ لأن ذلك على وفق القياس.

وقد سلك ياقوت هذه الطريقة قال: "المحصب: ... موضع بين مكة ومنى، وهو إلى منى أقرب .. وحدّه من الحجون ذاهبًا إلى منى ... وهذا من الحصباء التي في أرضه. والمحصب أيضًا موضع رمي الجمار بمنى، وهذا من رمي الحصباء" (٢).

وأما الأمارة الثانية: ففي بعض الكتب كمعجم البلدان (المغمَّس) إنشاد بيت نفيل بلفظ: "لدى جنب المغمس". ولعله الصواب، لموافقته ما تقدم في الأشعار من قول نفيل نفسه، وعمرو بن الوحيد، وأبي الصلت أو ابنه، والمغيرة بن عبد الله بن مخزوم. وعلى فرض صحة: "لدى جنب المحصب"، فجنب المحصب: ما يقرب منه، لا هو نفسه. والمشهور بين أهل الحجاز أن عذاب أصحاب الفيل كان بوادي محسِّر، وقال النووي


(١) في حديث أنس رضي الله عنه أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما يجوز عن الشعر والرجز ... (٦١٤٩) ومسلم في الفضائل، باب رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء (٢٣٢٣).
(٢) معجم البلدان (٧/ ٣٩٥). [المؤلف].