أما الوجه الأول: فهو مبني على أن الرواية تقول: إن تعرض الشيطان لإبراهيم عليه السلام إنما كان ليصده عن ذبح ابنه. والروايات الجيدة لا تقول ذلك، بل المفهوم منها أن تعرضه له كان ليدخل عليه الخلل في تعلم المناسك، كما تقدم. فرواية سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس لا ذكر فيها لقصة الذبح، وكذلك رواية أبي داود الطيالسي عن حماد عن أبي عاصم عن أبي الطفيل عن ابن عباس، ورواية أبي حمزة عن عطاء بن السائب [ص ٨٠] عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وذكرت في الرواية الأخرى عن حماد عن أبي عاصم عن أبي الطفيل، ولكن ليس فيها أن تعرض الشيطان كان ليصد عن الذبح، فإنه ذكر فيها قصة الذبح بعد ذكر الجمرة الوسطى، ثم ذكر تعرض الشيطان بعد ذلك عند الجمرة القصوى، ولفظه في قصة الذبح يصلح أن تكون جملة معترضة، كما قدمته عند ذكر الروايات، ويؤيده عدم ذكر القصة في الروايات الأخرى.
وذكرت أيضًا في رواية حماد عن عطاء بن السائب، وإنما ذكرت فيها بعد ذكر الجمرات الثلاث، ومع ذلك فلفظهما صالح لأن تكون قصة أخرى غير مرتبطة برمي الجمرات، وهو الواقع كما تقدم. هذا، مع ما في رواية عطاء من الضعف لاختلاطه. فقد اتضح أن الروايات المصححة تفيد أن تعرض الشيطان لإبراهيم عليه السلام عند الجمرات إنما كان ليدخل عليه خللًا في تعلم المناسك.