للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} [الإسراء: ٦٩] وغيرها.

[ص ١٠٧] ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: ٨٣] فإن هذا التسليط نوع من العذاب استحقه الكفار بعنادهم وإصرارهم.

والظاهر أن "أرسل" في هذه الآيات ونحوها ــ ومنها آية الفيل ــ ضُمِّن معنى "سلط"، فلذلك عُدِّي بـ (على). والتضمين كثير في القرآن، وذكر منه ابن عبد السلام نحو خمسين مثالًا (١).

وقد ذكر أهل اللغة في معاني "أرسل" سلَّط، قاله الزجاج وغيره في الآية الأخيرة. (راجع اللسان) (٢).

فأما قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} [الأنعام: ٦]، فيمكن أن يكون الجار والمجرور متعلقًا بقوله: {مِدْرَارًا}، لا بـ (أرسل) والتقدير: وأرسلنا السماء مدرارًا عليهم.

ونحوها في ذلك آيات أخرى، منها قوله تعالى: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: ٨٠]، وقوله سبحانه {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: ٣٣]، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام: ٦١] وغيرها.

فهذان دليلان على أن إرسال الطير كان لتعذيب أصحاب الفيل:

الأول: وقوع هذه الجملة في تفصيل فعل الرب بأصحاب الفيل.


(١) الإشارة والإيجاز ص ٥٤ ــ ٥٨. [المؤلف].
(٢) (١١/ ٢٨٥ - رسل). وانظر: معاني الزجاج (٣/ ٣٤٥).