للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ ــ اتفق المفسرون على أن الرؤية في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ} بمعنى العلم، لأن الواقعة كانت قبل المولد النبوي، ولم يشاهدها كل من يصلح للخطاب. ثم منهم من قال: الرؤية بمعنى العلم مباشرة، ومنهم من قال: بل هي التي بمعنى الإبصار، تجوّز بها عن العلم، مبالغةً في تقريره وتثبيته وتحقيقه، كما يقتضيه المقام.

وقد يقال: من بلغته السورة وكان قد شاهد الواقعة، فالرؤية في خطابه بصرية على حقيقتها، ويكون هذا من النكت في العدول عن "ألم تعلم". وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز، لكن باعتبارين.

٣ ــ اتفق المفسرون ــ فيما أعلم ــ على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن الآلوسي [ص ١٠١] أشار إلى احتمال خلاف ذلك، وعبارته: "والظاهر أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" (١).

واختار المعلِّم رحمه الله تعالى أولًا عموم الخطاب، قال: "فاعلم أن الخطاب ههنا متوجه إلى جميع من رأى هذه الواقعة، أو أيقن بها من طريق تواتر الحكاية ممن رآها". وأطال في تقريره. وحاصله ــ مع إيضاحٍ ــ أنه كثيرًا ما يأتي الكلام بلفظ خطاب الواحد، ولا يقصد به واحد معيّن، بل كل واحد صالح للخطاب. وذلك كما يقع في كلام المؤلفين كثيرًا: "اعلم"، "فتأمل"، "فتنبه"، "قد علمت" وأشباه ذلك، ولا يقصد به المؤلف قصد واحد معين، بل يقصد كل واحد يقرأ كتابه، أو يقرأ عليه.


(١) روح المعاني (٩/ ٤٥٥). [المؤلف].