وقال المعلّم:"أما الفيل فواحد، ولكن أضيف إليه الجمع فأريد به الصنف، وهذا كثير، كقولك: أصحاب الرأي، وأصحاب الحديث. قال تعالى:{وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ}[المزمل: ١١]. فاللفظ محتمل للواحد والأكثر، وبكليهما جاءت الروايات، والكثرة أقرب، والله أعلم".
قال عبد الرحمن: في قاعدته هذه نظر، وليس في الأمثلة ما يشهد لها، فإنك تقول: فلان يحفظ الحديث، ويعرف الرأي، ولا يحب النعمة؛ فيكون الجنس بحاله، ولا إضافة. وتقول: عند فلان حديث كثير، وله رأي صائب، وله نعمة ظاهرة؛ فترى الجنس بحاله.
بقي أن يقال: إن "ال" في [ص ١٠٥]{الْفِيلِ} للجنس، ولم يتبين لي، ولا ملجئ إليه، لما علمت أن بقاء الكلمة على ظاهرها من العهد لا ينفي ما جاءت به الروايات من تعد د الفيلة. والله أعلم.
٨ - قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} إجمال يحيط بكل ما فعله الله تعالى بالقوم. وإذ كان عمود السورة هو التهديد ــ كما تقدم ــ فإنما يدخل في هذا الإجمال ما فعله الله بالقوم مما فيه توهين لقوتهم، وتعذيب لهم.
ولفظ "فعل" الموصول بالباء يساعد ذلك، وكأنه إنما جاء كذلك في القرآن للعذاب ونحوه. قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} إلى قوله: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ}[الفجر: ٦ ــ ١٣].
وقال سبحانه فيما حكاه من خطاب يوسف لإخوته:{هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ}[يوسف: ٨٩]، أي من إلقائه في الجب، ثم بيعه، وغير ذلك، وذاك