ومن الأدلة: أنهم قد قالوا أشعارًا في الواقعة، ترى طرفًا منها في سيرة ابن هشام، [ص ٢٣] وليس فيها أمر القتال ولا قتل، بل كلها ثناء على الله عزَّ وجلَّ في حمايته بيته ومنها قول طالب بن أبي طالب:
ألم تعلموا ما كان في حرب داحسٍ ... وجيشُ أبي يكسومَ إذ ملؤوا الشِّعْبا
فلولا دفاعُ الله لا شيءَ غيرُه ... لأصبحتمُ لا تمنعون لكم سِرْبا (١)
ومن الأشعار طرف في "المنمق" لابن حبيب، وليس فيها أثر للقتال.
(هـ)
ذهب المعلِّم ــ عفا الله عنه ــ إلى أن الطير لم ترم أصحاب الفيل، وإنما أرسلها الله عزَّ وجلَّ لأكل جثث موتاهم؛ كيلا يتغير الهواء بجيفهم. واضطرّه ذلك إلى دعوى أن قول الله تعالى في السورة:{تَرْمِيهِمْ} خطابٌ، أي ترميهم أيها المكي. وتصرّف في الروايات المصرحة برمي الطير بردّ بعضها، وتغليط بعضها، وحاول الاحتجاج على أن لم ترمهم، وعلى أنها أكلت جثثهم.
فأما الكلام على قول الله سبحانه:{تَرْمِيهِمْ} فسيأتي في تفسير السورة.
وأما الروايات، فزعم أن الرواة فريقان مختلفان: فريق في روايته ستة أمور، وفريق في روايته خمسة أمور. ورجح ما نسبه إلى الفريق الأول، ثم ساق بعض الروايات من "تفسير ابن جرير"، ثم ذكر أشعارًا للجاهليين تتعلق بالقصة، واستخلص منها أربعة أمور، يؤيد بها ما نسبه إلى الفريق الأول.