أصحاب الفيل، وإلا لزم أن ترجم طريقهم كلها من اليمن إلى حيث بلغوا. فتعين أنه الشيطان كما جاءت به الروايات، واشتهر بين أهل العلم وغيرهم. وهو أحقّ بالرجم، لأن الله تبارك وتعالى سماه رجيمًا.
وذكر المعلِّم رحمه الله تعالى أربعة أوجه أخرى، يبين بها أن مناسبة رمي الجمار لرمي أصحاب الفيل أظهر من مناسبتها لرمي الشيطان (١).
الأول: قال: "من الثابت المتفق عليه أن النحر تذكار لسنة قربان إبراهيم بابنه، فلو كان أصل الرمي ــ كما زعموا ــ رمي الشيطان لكان النحر في اليوم الثالث أو الرابع ... فلماذا يرجم الشيطان في اليوم الثاني والثالث، وقد طرده [ص ٧٨] إبراهيم عليه السلام قبل ذلك، وقرب ابنه، واستراح من مكره؟
وأما أصحاب الفيل، فلما رموا أول يوم وأصيبوا وحبسوا عن التقدم، رجع الحجاج إلى رحالهم ومواقفهم بمنى، وشكروا الله ونحروا وكبروا. ثم لما لم ييأس أبرهة كل اليأس، وتشجع وأراد الخروج إلى مكة في اليوم الثاني، رمى الحجاج جيشه مرة أخرى، وهكذا في اليوم الثالث".
الثاني: قال: "في اليوم الأول من أيام الرمي لا ترمى إلا الجمرة التي تلي العقبة، وهي أقرب الجمرات إلى مكة، ولا يتعرض في هذا اليوم للجمرتين الدنيا والوسطى. وهذا أحسن مطابقة بحال تقدم أصحاب الفيل إلى مكة في اليوم الأول، فإنهم لما أصيبوا في ذلك اليوم دخلهم الفشل، وتشجعت العرب، فمنعوهم وراء المقام الأول".
الثالث: قال: "الجمرة التي ترمى في اليوم الأول هي أكبرهن. وهذا