في البحث مع المعلِّم رحمه الله تعالى في:{تَرْمِيهِمْ}
قد نبّهتُ في مقدمة هذا القسم الثاني وأثناء الباب الأول منه على مواضع مما خالفتُ فيه المعلم، ووجّهتُ ذلك بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى، وأخّرتُ الكلام في {تَرْمِيهِمْ} لطوله. وأرى أن أقدِّم فوائد وقواعد ينبني عليها البحث معه، فهاكها:
(١) قال ابن الشجري: "قال أبو الفتح عثمان بن جنّي: قال لي أبو علي: سألت يومًا أبا بكر ــ يعني ابن السرّاج ــ عن الأفعال يقع بعضها موقع بعض، فقال: كان ينبغي للأفعال كلها أن تكون مثالًا واحدًا، لأنها لمعنى واحد، ولكن خولف بين صيغها لاختلاف أحوال الزمان. فإذا اقترن بالفعل ما يدل عليه من لفظ أو حال جاز وقوع بعضها في موقع بعض. قال أبو الفتح: وهذا كلام من أبي بكر عالٍ سديد"(١).
قال عبد الرحمن: هؤلاء كلهم نحاة، ووضع الماضي موضع المضارع وعكسه لا يجوز إلا بأمرين: زوال المانع، وقيام المقتضى للعدول عن الأصل، والمانع هو الإلباس والإيهام، والمقتضي سيأتي بيانه عن أهل البيان. والنحاة إنّما يهتمّون بدفع الإلباس والإيهام كما سيأتي، ولا شأن لهم
(١) أمالي ابن الشجري (١/ ٣٠٤)، ونقله البغدادي في خزانة الأدب. [المؤلف]. وانظر: الأمالي نشرة الطناحي (٢/ ٣٥)، ونقله ابن الشجري في (٢/ ٤٥٣) أيضًا. وانظر: (١/ ٦٨). وراجع: خزانة الأدب (١٠/ ٤). والنص في الخصائص (٣/ ٣٣١) بلفظ مختلف، ولعل مصدر ابن الشجري غير الخصائص.