شبهتهم بيان حقيقة المجاز وأنه لا بدّ فيه مع قوة العلاقة وحصول الفائدة من ظهور القرينة عند المخاطب، فإن المخاطب لا يجوز أن يلقى إليه مجاز ليست قرينته ظاهرة له، وإلا كان الكلام كذبًا. وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المجمل الذي له ظاهر لا يجوز تأخير بيانه عن وقت الخطاب، والباقون أجازوا التأخير إلى وقت الحاجة فقط. ولا خلاف عند التحقيق في النصوص التي ينبني عليها اعتقاد، فإن وقت الحاجة فيها هو وقت الخطاب. فهذا وحده كافٍ لدفع ضلالات المبتدعة، كيف ومعه حجج أخرى ليس هذا محل بسطها.
والمقصود أنه لا حاجة بأهل السنّة إلى تعسّف الطعن في المجاز والتشكيك فيه، فإنه يخشى من ذلك ضرر أكبر مما يتراءى فيه من النفع، وذلك شأن كل باطل يتوصل به إلى دفع باطل آخر، والله أعلم.
[ص ٥](٣) في وضع المضارع للحال أو للاستقبال أقوال ذكرها في الهمع، وفيه:"الثالث ــ وهو رأي الجمهور وسيبويه أنه صالح لهما حقيقة، فيكون مشتركًا بينهما، لأن إطلاقه على كل منهما لا يتوقف على مسوّغ وإن ركب، بخلاف إطلاقه على الماضي فإنه مجاز لتوقفه على مسوغ. الرابع: أنه حقيقة في الحال، مجاز في الاستقبال، وعليه الفارسي وابن أبي رُكَب. وهو المختار عندي بدليل حمله على الحال عند التجرد من القرائن، وهذا شأن الحقيقة. ودخول السين عليه لإفادة الاستقبال. ولا تدخل العلامة على الفروع كعلامات التثنية والجمع والتأنيث والنسب"(١).
(١) الهمع (١/ ٧). [المؤلف]. ط عبد العال (١/ ١٧ - ١٨) وليس فيها كلمة "النسب".