ولم يتفق له لقاء المعلِّم رحمه الله، وأنّى له ذلك، وهو مقيم في حيدراباد في جنوبي الهند، والمعلم مقيم في وطنه في شمالي الهند، وبينهما مسافة شاسعة جدًّا! ولو أراد المعلمي رحمه الله ذلك لما تحمَّل راتبه القليل نفقات مثل هذه الرحلة الطويلة الشاقَّة.
فلما طبع تفسير سورة الفيل، ووصلت نسخه إلى حيدراباد، وقف عليه الشيخ المعلمي رحمه الله، ورأى أن الدلائل التي احتج بها المعلِّم رحمه الله أضعف من أن تقوم بما ذهب إليه في تفسير السورة، فعزم على تعقبه ونقده بمنهجه العلمي الرصين، فقال في مقدمة رسالته:
"أما بعد، فإني قد كنت وقفت على بعض مؤلفات العلامة المحقق المعلِّم عبد الحميد الفراهي ــ تغمده الله برحمته ــ كالإمعان في أقسام القرآن، والرأي الصحيح فيمن هو الذبيح، وتفسير سورة الشمس؛ وانتفعت بها وعرفت عبقرية مؤلفها. ثم وقفت أخيرًا على تفسيره لسورة الفيل، فألفيته قد جرى على سنته من الإقدام على الخلاف إذا لاح له دليل، وتلك سيرة يحمدها الإسلام، ويدعو إليها أولي الأفهام. غير أن الخلاف هنا ليس لقول مشهور، ولا لقول الجمهور، ولكنه لقول صرح به الجماهير، ولم ينقل خلافه عن كبير ولا صغير ... وقد بدا لي أن أتعقب المعلِّم رحمه الله وأشرح ما يتبين لي من وفاق أو خلاف".
ترتيب الرسالة ومطالبها
أشار المعلمي رحمه الله في مقدمة الرسالة إلى المنهج الذي سلكه في ترتيبها أولًا، ثم ما بدا له من العدول عنه إلى منهج آخر، فقال: "وقد كنت جريت على ترتيب المعلِّم رحمه الله مساوقًا له، ثم رأيت الأولى أن أسلك