والكلام هنا في صحة مجيء "تفعل" بدون "أنت" حالًا من غير ضمير المخاطب، فإني لم أجده صريحًا في الكلام الفصيح، وإنما وجدته مع "وأنت"(١)، كقوله عز وجل:{وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}[البقرة: ٥٠]. وأجد الذوق يستنكر أن يقال:"مررنا بزيد تحدِّثه". وقد يقال في هذا المثال: إن الواجب ــ على ما تقدَّم في الفائدة السابقة عن الهمع ــ أن يقال: "مررنا بزيد تحدِّثه أنت"، ولكنني أجد الذوق لا يطمئن إلى هذه كما لا يطمئن إلى قولك:"مررنا بزيد تحدِّثانه". وإنما يطمئن إلى "مررنا بزيد وأنت تحدِّثه" أو"وأنتما تحدِّثانه". فإن صحَّ نحو "مررنا بزيد تحدِّثه" فالظاهر أنه لا يخلو من ضعف. والله أعلم.
(١٤) قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}[المدثر: ٦]، وقال سبحانه:{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}[الشعراء: ١٢٨]. وقال عز وجل:{لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا}[آل عمران: ٩٩]. وقال تعالى:{وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[البقرة: ٨٥].
قوله:{تَسْتَكْثِرُ} حال من ضمير المخاطب، وكذلك {تَعْبَثُونَ}
(١) في أصل الجزء الثاني في الصفحة التالية للصفحة الخمسين: "فأمَّا إذا أتى حالًا من غير ضمير المخاطب، فإنما وجدته مع "وأنت"، كقوله تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} ولم أجد للنحاة ما يصرِّح بجواز نحو "مررنا بزيد تحدِّثه" ولا ما هو ظاهر في منعه، ولكني لم أجده في الكلام الفصيح، وأجد الذوق يستنكره ويرى حقَّ الكلام أن يقال: "وأنت تحدِّثه"، ويتردَّد في "تحدِّثه أنت". ولم يرقم المؤلف هذه الصفحة لكونها غير متعلقة بالسابق واللاحق.