الخامس (١): أن العلم بأن البيت بيت الله يقتضي الدفاع عنه، لا إسلامه.
السادس: أن أهل السير يروون أن القبائل قاتلت أبرهة في طريقه، فكيف جبنت قريش ومن معها، وهم أهل البيت وشرفه.
السابع: أن أهل السير يذكرون أن قدوم أبرهة كان في موسم الحج. وأيده المعلِّم بقول قائلهم، وقد ذكره ابن إسحاق في هذه القصة:
اللهمَّ أخْزِ الأسودَ بن مقصود ... الآخذَ الهجمةِ فيها التقليدْ
يعني: فقوله: "فيها التقليد" يصرح بأن الإبل كانت مقلَّدة، وإنما تُقلَّد إذا كانت هديًا، وإنما يُساق الهدي في موسم الحج.
وأيده أيضًا بأن القرآن ذكر كيد أصحاب الفيل، والكيد: هو المكر، والتدبير الخفي. وإنما يتحقق ذلك بقدومهم في الأشهر الحرم رجاءَ أن لا يقاتلهم العرب، لأنهم كانوا يحرمون القتال في الأشهر الحرم؛ وبعزمهم على دخول مكة حين يخليها أهلها مشتغلين بالحج، وعلى أن يكون هجومهم أيام التشريق، والعربُ حينئذٍ إما واقفون بمنى، أو مسرعون إلى أوطانهم. فإذا ثبت أن قدوم أبرهة كان في الموسم، فالعرب حينئذٍ مجتمعون للحج، فكيف يقاتل بعض قبائلهم في الطريق، ولا يقاتل جميعهم عند البيت؟
الثامن: "أنهم عابوا [ص ٨] ثقيفًا لفرارهم عن حماية الكعبة، كما قال ضِرار بن خطّاب:
وفرّت ثقيفُ إلى لاتها ... بمنقلَب الخائبِ الخاسر
(١) في الأصل: "الرابع" كرّره سهوًا، ومشى عليه في الترقيم بعده، فأصلحناه.