للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عباس، وبعضها على ما حكاه غيره، فأخبر كلُّ واحد بما بلغه من صفاتها" (١).

وإيضاح ذلك أن الطير كانت كما قال الله عزَّ وجلَّ: {أَبَابِيلَ}، وفسّرها أهل العلم بأنها كانت جماعات. فعن ابن مسعود قال: "فِرَق وعن أبي سلمة: "الزُّمَر وعن إسحاق بن عبد الله: "الأقاطيع وعن مجاهد: "شتّى متتابعة مجتمعة وعن ابن زيد: "المختلفة تأتي من هاهنا، وتأتي من هاهنا، أتتهم من كل مكان" (٢). فوصف كلُّ رجل الفرقة التي جاءت من ناحيته، وحكى كلُّ من الرواة ما سمعه.

ومع إمكان الجمع لا محلّ للترجيح، على أننا إن رجّحنا رواية ابن عباس: "لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكفّ كأكفّ الكلاب مع قول عكرمة: "لها رؤوس السباع"، لم يلزم من ذلك أنها من جوارح الطير، لوجهين: الأول أن جوارح الطير المعروفة كالعقبان والنسور معروفة عند العرب، فلو كانت منها لما احتاج العرب أن ينعتوها، بل كانوا [ص ٣٥] يذكرونها باسمها المعروف.

الثاني: أن الراجح في اللون قول عكرمة وسعيد بن جبير ــ وروايتهما من الروايات التي يرجحها المعلِّم ــ إنّها كانت خُضْرًا، وليس في سباع الطير وجوارحها ما لونه أخضر.


(١) تفسير الخازن (٧/ ٢٤٦). [المؤلف].
(٢) راجع لأسانيد هذه الآثار مع آثار أخرى: تفسير ابن جرير (٣٠/ ١٦٤ - ١٦٥). [المؤلف].