للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثالا أسمى للإحسان والكمال ونورا ساطعا للأجيال، حتى تمم الله النعمة وأكمل الدين، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وتركها بيضاء نقية لن يهلك عليها إلا هالك. فإلى هذا الطريق أيها المسلمون، ففيه نجاتكم وسعادتكم إلى يوم الدين.

أيها العرب: في مثل هذا اليوم ولد النبي العربي، فتفتحت العروبة عن زهرة ماضميها، وبذرة مستقبلها، فوصل الله به مجدكم القديم بمجدكم الحديث، وأشاع لغتكم في الألسنة وتفكيركم في العقول، وعنصركم في الأمم، فخلدتم في التاريخ، خلود التاريخ، وبقيتم على الزمن، بقاء الزمن، فعودوا بالذكرى إلى حياة هذا العربى العظيم، كيف نشأ في صميم العروبة، وترعرع في أحضانها، ودرج على الكريم الصلب من أخلاقها، فحدب عليها، عمره كله، يهديها ويحوطها ويجمع أشتاتها ويؤلف وحدتها، يكونها ليكون الله الأمم بها، ويرشحها للسيادة، لتسود بها البشرية جمعاء. فما فارق الدنيا حتى تركها أمة شعرت بعزتها، وعرفت غايتها، وأخدت للحياة عدتها، وتقدمت للبشرية تحمل مشاعل العلم والحرية والإخاء العام، فمن حياة هذا العربي الصميم، استمدوا- أيها العرب- حياتكم، وعلى ما شاده من ماضيكم، ابنوا حاضركم ومستقبلكم ومن تاريخه الحافل، استوحوا مناهج حياتكم، ومن سيرته الجليلة، اجمعوا عناصر نهضتكم ومواد بنائكم القومي، فلسانه لسانكم، وقوميته قوميتكم، وتاريخه تاريخكم، فاتخذوه مثلكم الأسمى في الحياة، تتخذكم الحياة مثلما كنتم، مثلها الأسمى وقادتها الراشدين.

أيها البشر: في مثل هذا اليوم، ولد محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب فولدت الإنسانية ولادة جديدة وأشرق على الكون نور لم يلح من قبل، أضاء لبني آدم طريق العلم والعمل والحرية

<<  <   >  >>