للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام في حظيرة الإخاء العام، فعودوا بالذكرى، إلى حياة هذا الرجل الإنساني، كيف ارضعته بدوية عربية وحضنته أمة حبشية، وتبنى مملوكا رقيقا ثم اتخذه أخا ومولى، ثم عقد ألوية الإمارة للموالي على العرب، غير مرة، وأدنى بلالا الحبشي وسلمان الفارسي وصهيبا الرومي، لفضلهم وسابقتهم على كثير من كبراء العرب وساداتهم وذاق آلام الإنسانية في اليتم والفقر والفقد، وباشر العمل في الرعى وتاجر، وبلا الحياة في الشدة والرخاء والسلم والحرب، فقضى حياته يرفع طبقات وضعها الظلم والجهل، ويخفض طبقات رفعها الطغيان والجبروت حتى سوى بين بني آدم، في الكرامة البشرية، وأسقط اعتبار الأجناس والألوان في الأفضلية، وأعلن أن لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله، فعودوا إلى الأصول التي جاء بها هذا الرجل، إنها جربت، فصحت تجربتها، فقد بنيت عليها مدنية، ما في مدنية اليوم من خير هو من أثرها.

ولن تسعد الإنسانية إلا بالاحترام والتسامح والتعاون وبالوفاء في التعاقد.

وتلك أمهات مما جاء به، فاتبعوه تعيشوا في رغد آمنين (١).


(١) البصائر العدد ١٦٤ السنة الرابعة ١٣ ربيع الأول ١٣٥٨ه الموافق لـ ٥ مايو ١٩٣٩م.

<<  <   >  >>