للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصالح عليه سبحانه وتعالى، أو كون ذلك منه سبحانه وتعالى تفضلًا وإحسانًا (١)، وعلى رأي آخر هو منصب على جواز التعبير بنسبة «الغرض» أو «البعث» إليه سبحانه وتعالى أو عدم جواز ذلك لما يوحيه من النقص (٢)، قال الألوسي المفسِّر، رحمه اللَّه: «الحق الذي لا محيص عنه أن أفعاله سبحانه وتعالى معللة بمصالح العباد، مع أنه سبحانه لا يجب عليه الأصلح، ومن أنكر تعليل بعض الأفعال - لا سيما الأحكام الشرعية كالحدود - فقد كاد أن ينكر النبوة كما قاله مولانا صدر الشريعة، والوقوف على ذلك في كل محل لا يلزم، على أن بعضهم يجعل الخلاف في المسألة لفظيًا لأن العلة إن فُسِّرت بما يتوقف عليه ويستكمل به الفاعل، امتنع ذلك في حقه سبحانه، وإن فسِّرت بالحكمة المقتضية للفعل ظاهرًا مع الغنى الذاتي فلا شبهة في وقوعها، ولا ينكر ذلك إلا جهول أو معاند» (٣).

وعليه - وكما هو في واقع الأمر - فالخلاف بين المتكلمين في تعليل أفعاله سبحانه وتعالى، ليس له ثمرة في الواقع الفقهي أو حتى الأصولي، وإنما هو - على فرض التسليم بأنه خلاف معنوي لا لفظي - خلاف في فرع من فروع الاعتقاد الكلامية المبتدعة؛ لذلك لا غضاضة في القول بلزوم محو هذه المسألة من علم أصول الفقه والاقتصار على بحثها في علم الكلام. قال الشاطبي، رحمه اللَّه: «كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية، أو لا تكون عونًا في ذلك - فوضعها في أصول الفقه عارية» (٤).


(١) انظر: محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ط ٦، الدار المتحدة، دمشق، ومؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٢ هـ، ص ٨٩، ٩٠ وسيشار له: البوطي، ضوابط المصلحة.
(٢) انظر: شلبي، تعليل الأحكام، ص ١٢٨.
(٣) الألوسي: شهاب الدين محمود، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٨ هـ، ج ١، ص ١٨٧ وسيشار له: الألوسي، روح المعاني.
(٤) الشاطبي، الموافقات، ج ١، ص ٤٢.

<<  <   >  >>