للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النظر في علة الحديث النبوي الذي نص على منع الشرط في البيع، فقد اعتبروا أن الغرض التشريعي منه، هو منع سبب المنازعة، لأن هذه الشروط الزائدة على أصل عقد البيع يفضي تنفيذها وكيفيته إلى النزاع غالبًا، فرأوا أن العرف إذا جرى على بعضها ينفي النزاع، إذ يجعل الأمر معلومًا مألوفًا فلا يكون العرف قاضيًا على النص بل موافقًا لغرضه وروحه ولو كان عرفًا حادثًا» (١).

ولما كان التخصيص في المثال المذكور ناشئًا عن العلة لا عن العرف الحادث، تنبَّه الأستاذ الزرقا لهذا الأمر واستدرك في حاشية الطبعات الجديدة من كتابه قائلًا: «يتضح من ذلك أن اعتبار العرف الحادث المخالف في الظاهر لعموم النص التشريعي ليس من قبيل تخصيص النص العام بعرف حادث؛ لأن من شرائط تخصيص النص التشريعي العام أن يكون دليل تخصيصه مقارنًا له في الوجود … ولكن اعتبار العرف الحادث الذي يزيل علة النص هو نتيجة لاعتبار النص مخصَّصًا بمقتضى علته، فهو تخصيص بالعلة لا بالعرف الحادث، وما اعتبار العرف الحادث إذا كان نافيًا لتلك العلة إلا تطبيق لذلك التخصيص سابق الاعتبار» (٢).

وقال بعد بيان اختباط بعض الكاتبين في تخريج هذه المسألة:

«وهذه القضية [أي تخصيص النص بعلته] في الواقع تعتبر من أدق المواطن الفقهية الأصولية وأكثرها اشتباهًا على المحققين» (٣).

وأما الدكتور البوطي فقد أضاف - كما هو شأنه في كتابه الضوابط - قيدًا جديدًا في مسألة تخصيص النص بالعلة، وهو أن تكون هذه العلة المخصِّصة


(١) مصطفى الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج ٢، ص ٩٠٧.
(٢) المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٠٧ بتصرف.
(٣) المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٩.

<<  <   >  >>