للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأصلها منصوصة أو مجمعًا عليها، فقال بأنه لا عبرة بالعرف الحادث إذا وقع في معارضة النص «وليس من خلاف بين المسلمين في هذا إلا إذا كان النص معلَّلًا وكان العرف الحادث مزيلًا لتلك العلة، ففي هذه الصورة مجال للبحث والنقاش ويرجِح فضيلة الأستاذ الزرقا [والكلام لا يزال للبوطي] في كتابه المدخل الفقهي القول بحجية العرف في مثل هذه الحال» ثم أورد طرفًا مما سبق نقله من كلام الزرقا وقال: «وهذا الذي يراه الأستاذ الزرقا دقيقٌ ووجيه ولا أظن إلا أنه الحق الذي ينبغي أن يقول به عامة الأصوليين … إلا أنه ينبغي اشتراط كون علة مثل هذا النص ثابتة بالإجماع أو بدلالة النص فحينئذ يمكن أن نطمئن إلى أن اختلاف العرف أو طروءه المؤثر في العلة الثابتة مؤثر في الحكم المرتبط به أيضًا» (١).

وهذا القيد الذي قرره البوطي غير وجيه فيما أرى، لأن العلل المنصوصة والمجمع عليها من الندرة بمكان فيترتب على هذا القيد تعطيل الاجتهاد بالتعليل - والتعليل أصل في كل حكم - إلا في حدود ضيقة جدًا، هذا فضلًا عن كون هذا القيد مما لا دليل عليه بل إنه مخالف لما درج عليه الأولون من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة الفقهاء.

وأما الدكتور السعدي الهيتي فلم يعط هذه المسألة حقها من البحث في كتابه مباحث العلة عند الأصوليين، وإنما تعرض لما شرطه الأصوليون لصحة العلة أن لا تعود على أصلها بالإبطال ولم يزد عما قرره الزركشي - في كتابه البحر المحيط - من القول في المسألة (٢).


(١) د. محمد سعيد البوطي، ضوابط المصلحة، ص ٢٥١ - ٢٥٣.
(٢) انظر: د. عبد الحكيم السعدي الهيتي، مباحث العلة في القياس عند الأصوليين، ط ١، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ١٤٠٦ هـ، ص ٢٦٤ - ٢٦٧.

<<  <   >  >>