للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأستاذ أحمد الريسوني فقد نادى - وهو بصدد بحث مجالات العقل في تقدير المصالح - بما سماه «التفسير المصلحي للنصوص» قال: «وأعني بذلك أن تفسير الفقهاء للنصوص واستنباطهم منها، تُستحضر فيه وتستصحب المعاني والحكم والمصالح التي يعمل الشرع على تحقيقها ورعايتها، وهو ما يكون له أثره في فهم النص وتوجيهه والاستنباط منه، فقد يُصرف النص عن ظاهره وقد يُقيّد أو يُخصص، وقد يُعمم وظاهره الخصوصية، ودور العقل هنا يتمثل في تقدير المصلحة التي يستهدف النص تحقيقها، إذا لم يكن مصرحًا بها طبعًا، ثم تفسير النص بما يحققها مع عدم الغفلة عن مختلف المصالح والمفاسد التي لها صلة بموضوع ذلك النص ومعلوم أن أحد مسالك التعليل هو مسلك المناسبة وهو مسلك عقلي إلى حد كبير ولعلّ أكثر التعليلات الدائرة في الفقه تقوم على هذا المسلك بحيث تنبني عليه اجتهادات وقياسات واستنباطات لا تُحصى وكلها عبارة عن تفسير مصلحي للنصوص، وفي هذا يقول الدكتور حسين حامد حسان وهو يشير إلى آفاق (نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي): "وقد ينص الشارع على حكم واقعة، دون أن يدل النص على المصلحة التي قُصد بالنص تحقيقها ويجد الفقيه أن فهم النص وتحديد مضمونه ونطاق تطبيقه يتوقف على معرفة هذه المصلحة فعند ذلك يجتهد الفقيه في التعرف على هذه المصلحة أو الحكمة أو العلة أو الوصف المناسب، مسترشدًا بروح الشريعة وعللها المنصوصة، وقواعدها أو مصالحها المستنبطة، فإذا ما توصل إلى هذه الحكمة وتعرف على تلك المصلحة فسَّر النص في ضوئها وحدد نطاق تطبيقه على أساسها" (١)» (٢).


(١) د. حسين حامد حسان، نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي، ط ١، دار الكتاب العربي، مصر، ١٩٨١، ص م.
(٢) أحمد الريسوني، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، ط ١، نشر المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ١٤١٢ هـ، ص ٢٣٠.

<<  <   >  >>